لماذا الكتابة؟ ومراحل نشأة المدونة، والانطلاقة
بسم الله، والصلاة على الرسول ﷺ
تُكتشف آثار الكتابة في أقطار الأرض، ممن عمرُوها قبل آلاف السنين، وهي دلالةٌ على اجتهادهم ليسطروا شيئا يبقى بعدهم، والإنسان تميَّز عن غيرِه باحتفاظه بخبرات سابقيه. فالحيوان يتكيَّف وفق بيئته، أمّا معلومات اكتسبها أسلافه: فلا يتلقاها سماعا، ولا يجدها مكتوبة، فليس له إلا التقليد، واتباع الفطرة. لكن الإنسان منذ أن علَّمهُ الله: صار دأبُه التعلُّم والتعليم، فالإنسان يبدأ بالمحاكاة والتقليد، ثم يصير إلى التعلم والتقييد. ومن هنا دفعت فطرة التعليم إلى الاحتفاظ بكلما يُمكن حفظُه، ولمّا لم تفِ القدرات الذهنية لجأَ إلى التقييد نقشًا وكتابة: حيث أنها كانت أحفظ وأصون وأبقى. فنجدُ اليوم معلومةً خطّها من قد لا نعرف ولم يتوقّع قبل قرون!
هكذا كانت البدايات، ثمّ نحنُ اليوم في عصرٍ نكتب فيهِ بلا حبرٍ ولا ورق!
وليس شرطا أن يقيِّد الإنسان شيئا لغيره، بل كثيرا ما يُقيِّد لنفسه شيئا لينتفع بهِ حينَ ينساهُ.
وبعد أن أسهبتُ في ذكرِ الكتابة، ولم آت بجديدٍ يُذكر، ولا نافعٍ يُشكر:
فقد أشارَ عليّ بعض أصدقائي بأن أنثر في الشبكة العنكبوتية ما أستطيع، ورأيتُ أني لا آخسرُ شيئا إن فعلتُ، فأنشأتُ المدونة بعد تفكيرٍ دام نصف السَّنة أو أكثر!
وهو مما حِرتٌ فيه أيما حَيْرَة، وأنا ماهرٌ في تخيير نفسي وتحييرها، فلا أكاد أختارُ شيئا إلا بعد عناء! فكّرتُ أن أسميها اسمًا ذا معنى خاص مثل: فَنَنْ، وغير ذلك؟ لكن ماذا لو لم تعجبني بعد مضي زمن؟ حيثُ أنني سبق وأن اخترت اسمًا، واخترت تركيبةً بعيدة عن العربية ولهذا في نفسي شيءٌ منهُ إلى اليوم.
مع محدودية المتاح في أسماء النطاقات1، قررتُ أن أجعلها باسمي: فهو لن يتغير، فسواءً نال إعجابي أو لا، فسيظل كما هو دالًا عليّ إلا إذا غيرتُ اسمي!
وهذه صورةٌ قديمة، صممها خالد بن أمين العطَّاب في وسم: #أسماء_ذكية والمغزى منها تركيب صورةٍ تُمثِّل معنى جزءٍ من الاسم، وأرجو أن يأذن لي مصممها باستعمالها.
كدتُ أن أبني الموقع بإحدى برمجيات (معالجِ النص التشعبيّ) PHP
التي أبرمِج بها منذ زمن، ولكنّي عدلت إلى استعمال فِضائيّ - Astro لبناء موقعٍ يكون خفيفًا ولا يحتاج إلى خادمٍ 2 لتشغيله، فأسلمُ من هذا الحِملْ.
وهذا أخرني أسابيعَ عِدَة، فلم أجد قالبًا مصمما للكتابة العربية يناسب ذائقتي، فحملتُ على عاتقي مهمّة تعريب قالبٍ يُعجبني، وأوّلُ ما أعجبتُ بهِ قالب الصبّار الفضائي الذي لم أنجح في تعريبه كفايةً، فلجأت إلى القالب الآخر رُمح فكان أسهل من سابقه، فغيرتُ لونَه، وجعلت خطّه الأميريّ3 -خطّ مِطْبَعَة بولاق أو المِطْبَعَة الأميرية-، ولمساتٍ أخرى هنا وهناك وما زلتُ غير مقتنعٍ كفاية! بعد ما أمضيتُ أكثر من شهرين أعدل القالب.
صورة المدوّنة هي من قصرِ الحمراء، وكأنّها نافذة على عالم آخر، فهكذا أنا اليوم أطمحُ لأن تكون هذه النافذة إلى عالم الكتابة.
لم أحدد، ولكن ستجد فيها ما يسرُّك -إن شاء الله-
على بركة الله، يوم الجمعة غُرّة جُمادى الأولى لعام أربعةٍ وأربعين وأربعمئة وألفٍ للهجرةِ.